انفجار قوي ضرب
القاعدة الرئيسية للقوات البحرية السوفيتية على البحر الأسود في خليج مدينة
سيفاستوبول في 28 أكتوبر 1955 غرقت جرّاءه
السفينة الحربية نوفوروسيسك وأسفر عن مقتل أكثر من 600 عنصر من البحارة والضباط.
ويا للصدفة! فقد انفجرت سفينة- بارجة أخرى في
نفس الخليج في شهر أكتوبر من عام 1916 قيل أنها سفينة الإمبراطورة ماريا، مع العلم
أن سبب الانفجار لم يتم تحديده حتى وقتنا هذا.
تم حينذاك تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في
مأساة نوفوروسيسك، وبحسب التقارير الأولى فقد أكدت اللجنة بأن الحادث سببه لغم
ألماني زُرع من أيام الحرب العالمية الثانية. خُيّل للجميع للوهلة الأولى أن هذا
التفسير منطقي، فالألمان النازيين قاموا بتلغيم مياه الميناء لدى انسحابهم من سيفاستوبول.
تمكّن مهندسو الألغام بعد تحرير المدينة في 1944 من فك المئات من المتفجرات التي
زرعها الغزاة الألمان باستثناء 17 لغما ألمانيا عُثر عليها مُخباة تحت طبقة سميكة
من الطين البحري منها ثلاثة كانت قريبة جداً من مكان انفجار البارجة بعد حادثة
نوفوروسيسك. لكن السؤال هل انفجرت السفينة بسبب هذه الألغام؟
يبدو أن الأمور ليست بهذه البساطة، فقد أكد
الخبراء أن الألغام الألمانية استنفذت صلاحيتها وتحولت إلى مجرد علب معدنية منذ منتصف الخمسينات
من القرن الماضي ، بالإضافة إلى ذلك فإن الألغام البحرية التي تم العثور عليها عام
1955 كانت قد أُفرغت من شحناتها وإن صماماتها قد تعطلت. علاوة على ذلك فإن
الانفجار القوي الذي هز هيكل البارجة المدرعة لم يفجر تلك الألغام وذلك ببساطة
لأنه لا يمكنها أن تنفجر. إذا ما الذي حدث؟
اشتبه العديد من الخبراء بعناصر الكوماندوس
البحرية الإيطالية في تورطها في عمليّة تفجير البارجة نوفوروسيسك. والحقيقة أن السفينة
كانت قبل عام 1949 ضمن أسطول البحرية الإيطالية واسمها "يوليوس القيصر"
باعتبار أن إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية كانت دولة حليفة لألمانيا
النازية التي هزمت واستسلمت عام 1945. وقتئذ تقاسم الحلفاء المنتصرون- الاتحاد
السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى- غنائم الأسطول البحري للدولة
المنهزمة، وحصلت موسكو آنذاك على البارجة "يوليوس القيصر" وتم إعادة
تسميتها أُطلق عليها نوفوروسيسك. وذكرت التقارير بأن قائد الكوماندوس البحرية
الإيطالية الأمير يونيو بورغيزي الّذي كان مناهضا شديدا للشيوعية أقسم بأن يحرم
الأسطول السوفيتي هذه الغنيمة.
وفي سنوات الحرب العالمية الثانية، تمكنت
عناصر الضفادع البشرية التابعة للأمير "بورغيزي" من تدمير كمّ هائل من
السفن الحربية البريطانية بما يُعادل عدد سفن الأسطول الإيطالي بأكمله ونجحت في
إغراقها... ويذكر التاريخ بأنه من أكثر العمليات التي لقيت نجاحا لفريق بورغيزي
تلك التي تمكنت خلالها الضفادع البشرية من تدمير اثنين من البوارج البريطانية
الحديثة في ميناء مدينة الإسكندرية المصرية في شهر ديسمبر عام 1941.
كما يشير المراقبون أن الضفادع البشرية
الإيطالية عملت في ميناء سيفاستوبول وبالتالي فإن مخطط الميناء والمدينة معروف
تماماً لدى عناصر كوماندوس البحرية الإيطالية الذين تمتعوا بخبرة لا يستهان بها
خاصة في ما يتعلق بأعمال التخريب، وبالتالي هناك احتمال كبير أن يكونوا هم من قاموا
بتفجير "نوفوروسيسك". لكن ومع ذلك هناك أسئلة كثيرة ... أوّلها هو ضرورة
استكشاف المنطقة بدقة وجمع المعلومات المهمّة من أجل تلغيم السفينة في الميناء
المحمي بشكل جيد. وبالتالي فإن هذه المعلومات لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق
عميل موجود بشكل مباشر في ميناء سيفاستوبول. لكن وحتى الآن ليست هناك أدلة تشير
إلى وجود شبكة تجسّس إيطالية اخترقت أكثر المدن السوفيتية أمناً في الخمسينيات من
القرن الماضي، مع العلم أن ضفادع بورغيزي البشرية لم تكن تعمل دون الحصول على
معلومات دقيقة عن العملية المراد تنفيذها.
ظهرت شائعات بعد غرق سفينة نوفوروسيسك تشير أن
الحكومة الايطالية منحت مجموعة من ضباط البحرية الايطالية الميداليات والأوسمة
بسبب أدائهم مهمة محددة يُشكّك أن تكون هذه المهمة متعلّقة بتفجير"نوفوروسيسك".

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire